وإنّما حالهم كما قال الله عز وجلّ: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا [الفرقان: ٩].
ثمّ إنّ هذا القرآن قد اشتمل من القاموس العربيّ على أحسن الكلمات وأفصحها، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزّمر: ٢٣]، أمّا في تركيب جمله، وتناسق عباراته، ومقاطع آياته، فهو الفرد الّذي لا نظير له.
كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٣ [فصّلت: ٣]، وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ٢٧ قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ٢٨ [الزّمر: ٢٨].
فكم ترى يكون في الكلام من المعاني أو البيان أو البديع، فإنّ
القرآن في ذروة ذلك، بل به عرف كلّ ذلك، فما وضعت علوم البلاغة إلّا بسببه، طريقا إلى فهمه، وإبرازا لعظيم قدره، وتأصيلا ليبنى سائر الكلام على قاعدته ونهجه.
وأهل التّفسير في القديم والحديث يراعون هذه الخصوصيّة للقرآن، فلم يتكلّم أحد في تفسير هذا الكتاب وبيان دلائله ومعانيه من لدن أصحاب النّبيّ ﷺ وإلى اليوم إلّا وهو يراعي الجوانب البلاغيّة فيه، وأسرار ذلك لا تنتهي، ولن تنتهي.
وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النّساء: ٨٢].