النّسخ: تعذّر الجمع، والجمع بين الخاصّ والعامّ ممكن بتنزيل العامّ على ما عدا محلّ التّخصيص» (١).
وممّا يمتنع فيه النّسخ مطلقا من نصوص التّكليف: جميع ما لا يتصوّر فيه التّضادّ بين تكليفين، كالنّصوص الآمرة بالتّوحيد وسائر العقائد، ونصوص مكارم الأخلاق والفضائل، فهذه لا تجوز أضدادها في دين الإسلام، ومن شرط صحّة النّسخ التّقابل بين التّكليفين.
الشّرط السّابع: أن يكون النّاسخ متأخّرا في زمن تشريعه عن المنسوخ.
والمراد به أن يكون الحكمان قد انفصل أحدهما عن الآخر بزمان أمكن فيه امتثال الحكم المنسوخ قبل تبديله بالنّاسخ (٢).
كما تراه مثلا في قصّة نزول قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [البقرة: ١٨٧]:
فعن البراء بن عازب، رضي الله عنه:
أنّ أحدهم كان إذا نام قبل أن يتعشّى لم يحلّ له أن يأكل شيئا ولا يشرب، ليلته ويومه من الغد حتّى تغرب الشّمس، حتّى نزلت هذه الآية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا إلى الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، قال: ونزلت في أبي قيس بن عمرو، أتى أهله وهو صائم بعد المغرب فقال: هل من شيء؟ فقالت
_________
(١) المغني، لابن قدامة (١/ ١٨٨ - ١٨٩).
(٢) انظر: «التّلخيص» للجوينيّ (٢/ ٥٤٣)، «المستصفى» للغزّاليّ (ص: ١٤٤).


الصفحة التالية
Icon