ندرك من صفته، إنّما أراد أن ندرك من خطابه ما يتعلّق به التّكليف، فينبني عليه الاعتقاد أو العمل، وليس من القرآن شيء لا يرتبط به اعتقاد أو عمل، حتّى ما اشتبه ولم نحط به علما، ألم تر قول الرّاسخين في العلم: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا؟!
تنبيه:
(المتشابه) وصف أطلقه الله تعالى على القرآن كلّه، وذلك في قوله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً [الزّمر: ٢٣]، ومعناه هنا
غير الّذي سبق، وهو ما يشبه بعضه بعضا، ويصدّق بعضه بعضا، لا اختلاف فيه ولا تضادّ.
كما أطلق لفظ (المتشابه) على الآيات الّتي تتشابه ألفاظها في المواضع المختلفة في القرآن، واعتنت به طائفة وصنّفوا فيه، مثاله:
وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ في البقرة [الآية: ١٧٣]، ولِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ في سائر المواضع [المائدة: ٣، الأنعام: ١٤٥، النحل: ١١٥]، ومثل: جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ في الأنعام [الآية: ١٦٥]، وخَلائِفَ فِي الْأَرْضِ في موضعين [يونس: ١٤، فاطر: ٣٩]، ومثل: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً [البقرة: ٦٠]، وفَانْبَجَسَتْ في الأعراف [الآية: ١٦٠].
ومن فائدته تمييز الفروق لملاحظة ما يقع فيها من الدّلائل، وتيسير حفظ القرآن.