المبحث الثاني: حكم التفسير
حكم تفسير القرآن على أساس قسمة الوجوه الأربعة السّابقة، كما يأتي:
فأمّا الوجهان الأوّل والثّالث، فالاشتغال بهما فرض كفاية، لا بدّ أن يكون في الأمّة في كلّ زمان من يحقّق لها الكفاية فيه.
أمّا الأوّل فإنّ لسان العرب في استعمالها الألفاظ أو معرفة مرادها بها، لا سبيل إليه إلّا بأن يوجد في الأمّة ما يحفظ ومن يحفظ عليها ذلك، والتّفريط فيه تضييع لأصل عظيم لفهم القرآن.
وأمّا الثّالث، فإنّ الحاجة إلى تبيين مراد الله تعالى بأمره ونهيه في كتابه، يوجب على الأمّة أن يكون فيها متخصّصون في معرفة الكتاب، يتقنون آلة الفهم، ويحسنون استعمالها؛ وذلك للوقوف على شرائع دين الإسلام، ودلالة الخلق عليه، ووقايتهم من الخوض في القرآن بغير علم.
وأصل هذا قوله تعالى: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التّوبة: ١٢٢].
كذلك ما أخذ الله على أهل العلم من الميثاق في بيان العلم، كما قال سبحانه: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران: ١٨٧]، وقال عز وجلّ: وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران: ٧٩].