وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ [المائدة: ٤٣]، بل قال الله لنبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ [يونس: ٩٤] (١)، واعتدّ
بشهادتهم على صدقه وصدق ما بعثه به، كما قال: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرّعد: ٤٣]، وقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ [الأحقاف: ١٠].
فما جاء به المسلمون منهم وحدّثوا به فالأصل أنّه مصدّق لما جاء به الرّسول صلى الله عليه وسلم، وذلك ما أفادته نماذجه الثّابتة الأسانيد ممّا وصلنا.
ثالثها: لم يكن الصّحابة يتلقّون ما يسمعونه من ذلك بالتّسليم دون نقد وتثبّت، حتّى مع أخذه عمّن أسلم من أهل الكتاب، كما تدلّ على ذلك الآثار، ومنها:
عن السّائب بن يزيد، قال: سمعت عمر بن الخطّاب قال لكعب: «لتتركنّ الأحاديث، أو لألحقنّك بأرض القردة» (٢).
_________
(١) أخرج ابن أبي حاتم في «تفسيره» (رقم: ١٠٥٨٣) بإسناده صحيح عن ابن عبّاس في هذه الآية، قال: «لم يشكّ رسول الله ﷺ ولم يسأل».
كما جاء مثله عن سعيد بن جبير من قوله.
(٢) أخرجه أبو زرعة الدّمشقيّ في «تاريخه» (١/ ٥٤٤) بإسناد صحيح.
ومقصود عمر الزّجر عن الإكثار من ذلك؛ لأنّ كعبا ثبت تحديثه بالشّيء من ذلك بمحضر عمر، كما سيأتي مثاله.


الصفحة التالية
Icon