وعن حميد بن عبد الرّحمن بن عوف: سمع معاوية بن أبي سفيان يحدّث رهطا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار، فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الّذين يحدّثون عن أهل الكتاب، وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب (١).
وعن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عبّاس: إنّ نوفا البكاليّ يزعم أنّ موسى صاحب بني إسرائيل، ليس هو موسى صاحب الخضر، فقال: كذب عدوّ الله، سمعت أبيّ بن كعب
يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «قام موسى عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل» وذكر الحديث (٢).
فهذا وشبهه دليل على منهاج الصّحابة فيما كانوا يسمعونه من الأخبار الإسرائيليّة، فالأصل أنّها معروضة على ما جاء به القرآن والسّنّة، فما وافق منها فهو شاهد حقّ، وما خالف ردّوه.
فهذان قسمان، ويبقى قسم ثالث، وهو: ما لا يوجد له في الكتاب
_________
(١) أثر صحيح. علّقه البخاريّ في «صحيحه» (٦/ ٢٦٧٩)، ووصله في «التّاريخ الأوسط» (رقم: ٢٠١) بإسناد صحيح.
وانظر: الفتح، لابن حجر (١٣/ ٣٣٤)، وتغليق التّعليق، له (٥/ ٣٢٨).
وأمّا المراد بقوله: «لنبلو عليه الكذب» فقال ابن الجوزيّ: «المعنى: أنّ بعض الّذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبا، لا أنّه يتعمّد الكذب».
وانظر: فتح الباري (١٣/ ٣٣٥) وتفسير ابن كثير (٥/ ٣٣٠).
(٢) حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: ١٢٢ ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: ٢٣٨٠). ونوف هو ابن امرأة كعب، وكان يحدّث بالإسرائيليّات.


الصفحة التالية
Icon