والثّانية: الحذر، وهو «عبارة عن إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها، بالقصر والتّسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمز، ونحو ذلك ممّا صحّت به الرّواية ووردت به القراءة، مع إيثار الوصل، وإقامة الإعراب، ومراعاة تقويم اللّفظ وتمكّن الحروف» (١).
ويشترط لجواز القراءة بهذا: أن لا يخرج القارئ به عن الأدنى في صفات الحروف، فلا يصيّر حروف المدّ الألف والواو والياء بمنزلة الحركات، ولا يذهب بصوت الحركة كلّيّا، ولا يغفل الغنّة، ولا يصير إلى ابتلاع حرف صحيح بعضه أو كلّه.
وهذا النّمط في القراءة يحتاج إليه لتثبيت الحفظ، أو لتكثير التّلاوة، ولا يساعد على الفقه والتّدبّر كما ينبغي.
والثّالثة: التّدوير، وهو مرتبة التّوسّط بين التّحقيق والحدر.
_________
(١) ابن الجزريّ كذلك (١/ ٢٠٧).
والمراد ب (القصر) قصر المدود، و (التّسكين) المنقول مثله عن بعض أئمّة القراءة في مثل: نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النّساء: ١١٥] بتسكين الهاء في الموضعين، و (الاختلاس) عكس الإشباع، كالشّأن في إشباع الكسرة حتّى تكون ياء في قوله تعالى: تُرْزَقانِهِ [يوسف: ٣٧]، والاختلاس بترك ذلك الإشباع، و (البدل) مثل: الصِّراطَ* بالصّاد والسّين، و (الإدغام الكبير) يكون بالتقاء حرفين متماثلين أو متجانسين أو متقاربين، كلاهما متحرّكان، فيسكّن الأوّل ويدغم في الثّاني، مثل: النَّاسَ سُكارى، يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ*، النُّفُوسُ زُوِّجَتْ.