قال ابن الجزريّ: «وهو المختار عند أكثر أهل الأداء» (١).
والرّابعة: التّرتيل، وهو القراءة المبيّنة المفسّرة المستوعبة لأحكام التّلاوة، وهي قراءة التّدبّر الّتي نزل القرآن بالأمر بها، كما قال الله عزّ وجلّ: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزّمّل: ٤].
والّذي أميل إليه: أنّ التّحقيق والتّدوير جميعا من جملة التّرتيل، إذ الأمر يرجع في جميعها إلى ترك الإسراع في القراءة، والتّفاوت في البطء لا ينضبط، خاصّة إذا لاحظنا أنّ الإتيان بأحكام التّلاوة على التّمام مراد في كلّ ذلك.
وغاية ما يمكن أن يقال من الفرق بينها: أنّ التّحقيق أبطأ من التّرتيل، والتّرتيل أبطأ من التّدوير.
الهدي النبوي في صفة الترتيل:
عن أمّ المؤمنين حفصة، رضي الله عنها، قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ صلّى في سبحته قاعدا، حتّى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلّي في سبحته قاعدا، وكان يقرأ بالسّورة فيرتّلها، حتّى تكون أطول من أطول منها (٢).
فهذا يبيّن أنّ التّرتيل الّذي أمر الله تعالى به نبيّه ﷺ في كتابه، كان بالتّأنّي
_________
(١) النّشر (١/ ٢٠٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مالك (رقم: ٣٦٣) وأحمد (٦/ ٢٨٥) ومسلم (رقم: ٧٣٣) - والتّرمذيّ (رقم: ٣٧٣) والنّسائيّ (رقم: ١٦٥٨) من طريق الزّهريّ، عن السّائب بن يزيد، عن المطّلب بن أبي وداعة السّهميّ، عن حفصة، به.
قال التّرمذيّ: «حديث حسن صحيح». والسّبحة: صلاة النّافلة.