ويتخرّج على هذا من المسائل:
هل يجوز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن؟
جواب ذلك: حكمها معلّق بالمقاصد، فإن كان قصد التّالي التّأكّل بالقرآن وتعجيل أجره عليه حرمت عليه الأجرة، وإن قصد التّعليم ونفع النّاس وتفرّغ له جاز أن يأخذها بدل تفرّغه لذلك، وهذا القول يجمع- إن شاء الله- بين مذاهب العلماء المختلفة.
والدّليل عليه من وجوه ثلاثة:
الأوّل: ثبوت النّصّ بجواز أخذ الأجرة على منفعة القراءة.
فعن عبد الله بن عبّاس، رضي الله عنهما:
أنّ نفرا من أصحاب النّبيّ ﷺ مرّوا بماء فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إنّ في الماء رجلا لديغا أو سليما، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشّاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت
على كتاب الله أجرا! حتّى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أحقّ ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» (١).
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاريّ (رقم: ٥٤٠٥).
وبمعناه في «الصّحيحين» من حديث أبي سعيد الخدريّ: أخرجه البخاريّ (رقم:
٢١٥٦، ٤٧٢١، ٥٤٠٤، ٥٤١٧) ومسلم (رقم: ٢٢٠١). والشّاء: جمع شاة.


الصفحة التالية
Icon