الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلّا أنّ الله أنزل عذري (١).
فجائز أن يكون مروان بلغه مثل ذلك عن عبد الرّحمن بن أبي بكر أنّ هذه الآية نزلت فيه، وجائز أن يكون قاله من قبل نفسه، فأنكرت ذلك أمّ المؤمنين عائشة رضي الله
عنها، تقول: نحن ذرّيّة أبي بكر ما أنزل الله في أحد منّا ذمّا، وقولها قول من عايش التّنزيل وعلم مواقعه، بخلاف قول مروان الّذي غاية أمره أن يكون بلغه ذلك فحدّث به، إذ لم يشهد التّنزيل، مع ما انضمّ إليه من العصبيّة.
والأشدّ من هذا الأخذ مما يرى في الكتب كتب التّفسير وغيرها من ذكر أسباب النّزول، دون تمييز للثّابت منها من غيره، بل ربّما من المؤلفين والكتّاب والوعّاظ من يذكر الشّيء من ذلك ويؤصّل على وفقه ويفصّل، ثمّ يتبيّن مجيئه من رواية كذّاب أو متروك.
ومن الأمثلة الشّائعة لذلك ما تتناقله كتب التّفسير في سبب نزول قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَ
وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ ٧٧ [التّوبة: ٧٥ - ٧٧] أنّها نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاريّ،
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاريّ (رقم: ٤٥٥٠).