في قراءة عبد الله (يعني ابن مسعود): (وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم قبله) (١).
والّذي في المصحف: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: ١٥٠].
إلى أمثلة أخرى مرويّة عنهم، تدلّ جميعا على أنّ ذلك من تلك الأحرف الّتي قرأ عليهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ترى بين شيء منها وبين ما في المصحف مخالفة في المعنى.
أمّا الأقوال الأخرى فضعفها بعد هذا ظاهر، فهي مع مخالفتها لما ذكرت من الأدلّة فإنّ كلّا منها لا يخلو من ضعف في نفسه:
فالقول الثّاني يردّه أنّ عمر وهشاما اختلفا في الحروف وكلاهما قرشيّ.
والقول الثّالث يردّه أنّ الأحرف السّبعة بدلالة النّصوص الواردة فيها إنّما هي بقراءة الكلمة الواحدة على وجهين فأكثر، والكلمة الواحدة لا تكون أمرا ونهيا وحلالا وحراما ومحكما ومتشابها ومثلا، بل في هذا ضمّ النّقيض إلى النّقيض.
_________
(١) أثر صحيح. أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف» (ص: ٥٦) قال: حدّثنا شعيب بن أيّوب، حدّثنا يحيى، حدّثنا مفضّل بن مهلهل، عن الأعمش، قال:
كان أبو رزين من القرّاء الّذين يقرأ عليهم القرآن، أظنّه قال: وتؤخذ عنهم القراءة، قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات ولا علّة له، ويحيى هو ابن آدم.