المذكورين هنا من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، كما يجوز أن يكون عند بعضهم بعضه لا كلّه.
الصّورة الثّانية: الحفظ في السّطور.
لم يكن الاعتماد على الصّدور وحده كافيا لحفظ القرآن الّذي أراد الله تعالى أن يبقى دستورا للبشر إلى قيام السّاعة، فإنّ حفظ الصّدور لغير رسول الله ﷺ يعتريه ما كتب الله على بني آدم من النّسيان والوهم، وبناء الثّقة في الدّين عليه مجرّدا غير ممكن، لذلك كان التّدوين والكتابة ضرورة لا بدّ منها لحفظه وإبقاء قدسيّته، والقرآن نفسه أشعر بضرورة الكتابة في مواضع كثيرة، فإنّ الله تعالى سمّاه (الكتاب)، وهذا يقتضي أن يكون مكتوبا.
ولذا كان النّبيّ ﷺ قد اتّخذ جماعة مأمونة من أصحابه ممّن كان
يعرف الكتابة يكتبون ما كان ينزل عليه من القرآن، كما كان الإذن فيه عامّا لكلّ من شاء أن يكتب، وقد قال لهم:
«لا تكتبوا عنّي شيئا غير القرآن، فمن كتب عنّي شيئا غير القرآن فليمحه» (١).
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في «مسنده» (رقم: ١١٠٨٥، ١١٠٨٧، ١١١٥٨، ١١٣٤٤، ١١٥٣٦) ومسلم (رقم: ٣٠٠٤) والنّسائيّ في «الكبرى» (رقم: ٨٠٠٨) من طرق عن همّام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: =