وعلّة ذلك مدركة، وهي الخوف من أن يختلط بالقرآن ما ليس منه.
ومن أعيان كتّاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب، ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهم.
وكانوا جميعا من آمن النّاس على كلام الله تعالى، وهم مزكّون من رسول الله ﷺ باختياره لهم لهذه الوظيفة الثّقيلة، بل مزكّون من الله تعالى بإقرار نبيّه ﷺ على اتّخاذهم لذلك.
ومن لم يكن في موضع الثّقة فإنّ الله تعالى فضحه، كما وقع لذاك الّذي كان يكتب الوحي لرسول الله ﷺ وكان يغيّر ما كان يمليه عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه:
أنّ رجلا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه سَمِيعاً بَصِيراً كتب سَمِيعاً عَلِيماً، فإذا كان سَمِيعاً عَلِيماً كتب
سَمِيعاً بَصِيراً، وكان قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان من قرأهما فقد قرأ قرآنا كثيرا، قال: فتنصّر الرّجل، وقال: إنّما كنت أكتب ما شئت عن محمّد، قال: فمات فدفن فلفظته الأرض، ثمّ دفن فلفظته، قال أنس:
قال أبو طلحة: فأنا رأيته منبوذا على ظهر الأرض (١).
_________
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.
وانظر تعليقي على كتاب «المقنع» لابن الملقّن (١/ ٣٣٧ - ٣٣٩).
(١) حديث صحيح. أخرجه الطّيالسيّ (رقم: ٢٠٢٠) وأحمد (رقم: ١٣٥٧٣) وعبد بن حميد (رقم: ١٣٥٤) من طرق عن حمّاد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس، به.
قلت: وإسناده صحيح. وقوله: «ليس من النّاس» أي ما وقع له.


الصفحة التالية
Icon