أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
١١١ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إِذَا أَفْطَرَتَا قَالَ: «يَقْضِيَانِ الصَّوْمَ وَلَا إِطْعَامَ عَلَيْهِمَا» حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا، فَإِذَا ذَهَبَ ذَاكَ قَضَتَاهُ» حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: «يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ صَوْمًا» -[٦٧]- قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَكُلُّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا تَأَوَّلَ آيَةَ الْإِطَاقَةِ أَيْضًا، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، فَمَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ وَالْإِطْعَامَ مَعًا ذَهَبَ فِيمَا نَرَى إِلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ فِي التَّارِكِ لِلصَّوْمِ مِنْ عُذْرٍ بِحُكْمَيْنِ، فَجَعَلَ الْفِدْيَةَ فِي آيَةٍ وَالْقَضَاءَ فِي أُخْرَى، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ ذِكْرَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مُسَمًّى فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمَعَهُمَا جَمِيعًا عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا لَهُمَا، وَأَخْذًا بِالثِّقَةِ، وَأَمَّا الَّذِينَ رَأَوْا عَلَيْهِمَا أَنْ يُطْعِمَا وَلَا يَقْضِيَا، فَإِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ السَّفَرِ وَلَا الْمَرْضَى الَّذِينَ فَرْضُهُمُ الْقَضَاءُ، وَلَكِنَّهُمَا مِمَّنْ كُلِّفَ الصِّيَامَ وَطُوِّقَهُ فَلَيْسَ بِمُطِيقٍ، فَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفِدْيَةِ، لَيْسَ يَلْزَمُهُمْ سِوَاهَا لِقَوْلِهِ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَفُتْيَاهُ، فَكَانَ تَأْوِيلُهُ عَلَى لَفْظِ قِرَاءَتِهُ، وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا عِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَظُنُّ مُجَاهِدًا كَانَ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ بِلَا إِطْعَامٍ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْحَمْلَ وَالرَّضَاعَ إِنَّمَا هُمَا عِلَّتَانِ مِنَ الْعِلَلِ، وَنَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ فِيهِمَا مِنَ التَّلَفِ عَلَى الْأَنْفُسِ مَا يُخَافُ مِنَ الْمَرَضِ، فَجَعَلُوهُمَا بِذَلِكَ مَرِيضَتَيْنِ يَلْزَمُهُمَا حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمَا قَدْ يَعُودَانِ إِلَى الْوِلَادَةِ وَالْفِطَامِ، فَيَرْجِعَانِ مُطِيقَيْنِ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ إِذَا صَارُوا إِلَى الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ، وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: أَنَّ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الْقَضَاءَ لَا يُجْزِئُهُمَا غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا، حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْحِجَازِ وَكَذَلِكَ رَأْيُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَهْلِ الشَّامِ فِيمَا أَعْلَمُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ إِنَّا قَدُ -[٦٨]- تَدَبَّرْنَا حَدِيثًا سَمِعْنَاهُ مَرْفُوعًا، فَوَجَدْنَاهُ شَاهِدًا لِهَذَا الْقَوْلِ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ "


الصفحة التالية
Icon