وينبغي لمن قرأ القرآن أن يرتّله ترتيلا، كما قال الله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤ [المزمل]، أي بيّنه تبيينا، وعلى القارئ ألّا يخلّ بقواعد التلاوة سواء قرأ بالتحقيق، وهو التمهل، أو بالحدر، وهو السرعة في القراءة، أو توسّط في ذلك (١).
٣ - التدبر والخشوع:
قراءة القرآن عبادة مقصودها الاتعاظ والائتمار والانزجار، وقد قال الله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ٢٩ [ص]. وقال سبحانه: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ٢٤ [محمد]. والتدبّر معناه التفكر والنظر في عاقبة الشيء.
وقد حث العلماء على التزام قارئ القرآن بتفهم ما يقرأ، والتفكر فيه، مع الخشوع، وترك ما لهي عن ذلك، ومن لوازم التفكر أن القارئ إذا مر بآية رحمة سأل مولاه الكريم، وإذا مرت به آية عذاب استعاذ بالله من النار (٢).
وعلى القارئ أن يلزم احترام القرآن والابتعاد في أثناه القراءة عن الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة، إلا كلاما يضطر القارئ إليه، وينبغي أن يتمثل القارئ والمستمع قول الله تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ٢٠٤ [الأعراف] (٣).
وقد لخص الإمام الغزالي شرائط القراءة المحمودة بقوله: «تلاوة القرآن حقّ تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظّ اللسان تصحيح الحروف

(١) الآجري: أخلاق حملة القرآن ص ١٠٨، وابن الجزري: النشر ١/ ٢٠٥.
(٢) الآجري: أخلاق حملة القرآن ص ٩٧.
(٣) النووي: التبيان: ص ٤٢.


الصفحة التالية
Icon