بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثير والانزجار والائتمار، فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ» (١).
٤ - أوقات القراءة المحمودة، والسرعة فيها:
إن أفضل القراءة ما كان في الصلاة، أما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة، وأما القراءة في النهار فأفضلها بعد صلاة الصبح، ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات (٢).
وقد اختلف العلماء في الأفضل هل الترتيل وقلة القراءة أو السرعة مع كثرة القراءة؟ فذهب بعضهم إلى أن كثرة القراءة أفضل، لأن للقارئ بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لكن معظم العلماء يقولون إن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من السرعة مع كثرتها، لأن المقصود من القرآن فهمه والتفقه فيه والعمل به. وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه. وقال بعض العلماء: إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجلّ وأرفع قدرا، وإن ثواب كثرة القراءة أكثر عددا (٣).
ومما له علاقة بسرعة القراءة تحديد المدة المفضلة لختم القرآن، والأصل استحباب الإكثار من قراءة القرآن (٤)، وقد تفاوتت سيرة السلف في القدر الذي يختمون فيه، فكثيرون كانوا يختمون في أسبوع، أو في أسبوعين أو في شهر، وكرهوا أن يختم القارئ في أقل من ثلاث ليال لقوله صلى الله عليه وسلم: «لم يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث» (٥). كما كرهوا أن يأتي عليه أكثر من أربعين يوما ولم

(١) إحياء علوم الدين ١/ ٢٩٤.
(٢) النووي: التبيان ص ٧٥.
(٣) ابن الجزري: النشر ١/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٤) السيوطي: الإتقان ١/ ٢٩٢.
(٥) رواه الترمذي في سننه ٥/ ١٨٢، وقال: حديث حسن صحيح.


الصفحة التالية
Icon