رسول الله ﷺ دفعه إلى رجل منا يعلّمه القرآن، فدفع إليّ رسول الله ﷺ رجلا، وكان معي في البيت، أعشّيه عشاء أهل البيت، فكنت أقرئه القرآن» (١).
وكان أبي بن كعب أحد فقهاء الصحابة وأقرأهم لكتاب الله، روي عن النبي ﷺ أنه قال: أقرأ أمتي أبيّ (٢). فلما قدمت وفود العرب إلى المدينة بعد فتح مكة، كان أبي بن كعب يعلّمهم القرآن، وممن ذكرت الروايات أنهم تعلموا القرآن من أبي وفد أهل البحرين، ووفد بني حنيفة، ووفد قبيلة غامد (٣).
أما المعلمون الذين بعث بهم رسول الله ﷺ لتعليم القرآن، فكان أوّلهم مصعب بن عمير الذي بعثه رسول الله ﷺ إلى المدينة قبل الهجرة بعد العقبة الثانية، يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين، وكان يدعى القارئ والمقرئ (٤).
وكان معاذ بن جبل الأنصاري أحد فقهاء الصحابة وعلمائهم بالقرآن، وقد ذكر ابن سعد أن رسول الله ﷺ خلّف معاذ بن جبل بمكة بعد الفتح، حين توجه إلى الطائف، يفقه أهل مكة ويقرئهم القرآن (٥). وبعد دخول أهل اليمن في الإسلام بعثه رسول الله ﷺ إلى هناك، يعلّم القرآن وشرائع الإسلام، كما بعث إلى بعض أنحاء اليمن الأخرى أبا موسى الأشعري للغاية ذاتها (٦).
وبذلك اشتهر عدد من الصحابة في عصر النبوة بحفظ القرآن وإجادة قراءته،
(٢) ينظر: ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٣٤١، وابن عبد البر: الاستيعاب ١/ ٦٦.
(٣) ينظر: ابن سعد: الطبقات الكبرى ١/ ٣٣٦ و ٣٤٥ و ٥/ ٥٥٧.
(٤) ينظر: ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ٤٣٤، وصحيح البخاري (فتح الباري) ٨/ ٦٩٩، وابن عبد البر، الاستيعاب ٤/ ١٤٧٣.
(٥) الطبقات الكبرى ٢/ ٣٤٨، والخزاعي: تخريج الدلالات السمعية ص ٨١.
(٦) ينظر ابن سعد: الطبقات الكبرى ٣/ ٥٨٥ و ٤/ ١٠٨، وابن عبد البر: الاستيعاب ٣/ ١٤٠٣.