وكان رسول الله ﷺ يحث الصحابة على تعلم القرآن منهم، حيث قال: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب» (١). وقد ظل عدد منهم يؤدي دور معلم القرآن بعد عهد النبوة.
ثانيا- قراءة القرآن في عصر الخلافة الراشدة:
إن تعليم قراءة القرآن للمسلمين كان قد استأثر باهتمام كبير من لدن رسول الله ﷺ كما استأثر باهتمام الخلفاء الراشدين من بعده، ويحدثنا التاريخ عن وقائع كثيرة تعكس جانبا من ذلك الاهتمام، وقد مرّ الحديث عن جمع القرآن في الصحف بعد أن استمر القتل بقراء القرآن في معركة اليمامة في خلافة الصديق، رضي الله عنه.
وفي خلافة عمر بن الخطاب تضاعفت الحاجة إلى تعليم القرآن الكريم، بعد حركة الفتوح الواسعة، وكان عمر، رضي الله عنه، قد عمل على تحقيق متطلبات المسلمين في الأمصار الجديدة، حيث جعل من ولاة الأمصار معلمين للناس، فقال في إحدى خطبه: «اللهم إني أشهدك على أمراء الأمصار أني إنما بعثتهم ليعلّموا الناس دينهم وسنة نبيّهم» (٢). وكان قد أرسل أبا موسى الأشعري واليا على البصرة (٣)، فكان يعلم الناس هناك القرآن (٤).
وبعث عمر إلى الكوفة عبد الله بن مسعود مع عمار بن ياسر، وكتب إليهم:
«إني قد بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله ﷺ من أهل بدر، فاقتدوا بهما، واسمعوا
(٢) تاريخ الطبري ٤/ ٢٠٤.
(٣) ابن عبد البر: الاستيعاب ٤/ ١٧٦٣.
(٤) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٣٤٥.