ثابت (١)، لأنه كان معلّم أهل المدينة. ونقل أبو شامة عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: «كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرءون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله ﷺ على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان علي، رضي الله عنه، طول أيامه يقرأ في مصحف عثمان، ويتخذه إماما» (٢).
وكانت إلى جانب قراءة الجماعة قراءات أخرى، تنسب إلى بعض الصحابة، ولكن بعد أن أرسلت المصاحف في خلافة عثمان إلى الأمصار «قرأ أهل كل مصر من قراءاتهم التي كانوا عليها بما يوافق خط المصحف، وتركوا من قراءتهم ما خالف خط المصحف» (٣).
وكانت قراءة عبد الله بن مسعود، أو قراءة أهل الكوفة الأولى أشهر القراءات بعد قراءة الجماعة. قال ابن مجاهد: «وأما أهل الكوفة فكان الغالب على المتقدمين من أهلها قراءة عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، لأنه الذي بعث به إليهم عمر ابن الخطاب، رضي الله عنه، ليعلّمهم، فأخذت عنه قراءته قبل أن يجمع عثمان، رضي الله عنه، الناس على حرف واحد، ثم لم تزل في صحابته من بعده يأخذها الناس عنهم، كعلقمة، والأسود بن يزيد، ومسروق بن الأجدع، وزرّ بن حبيش، وأبي وائل، وأبي عمرو الشيباني، وعبيدة السلماني وغيرهم...
«فلم تزل قراءة عبد الله بالكوفة لا يعرف الناس غيرها، وأول من أقرأ بالكوفة القراءة التي جمع عثمان، رضي الله عنه، الناس عليها أبو عبد الرحمن السلمي، واسمه عبد الله بن حبيب، فجلس في المسجد الأعظم، ونصب نفسه لتعليم الناس القرآن، ولم يزل يقرئ بها أربعين سنة» (٤).
(٢) المصدر نفسه ص ٦٨.
(٣) مكي: الإبانة ص ٢٩.
(٤) كتاب السبعة ص ٦٦.