من قراءة ابن مسعود عن طريق زر بن حبيش، فكانت ظاهرة الاختيار سبب اختفاء تلك القراءات بصورتها الأولى، وظهورها في قراءات القراء من تابعي التابعين.
ثانيا- القراء السبعة:
كان القرن الثاني الهجري عصر الاختيار في القراءة، وظهرت بسبب ذلك عشرات القراءات في الأمصار الإسلامية، وقد عمل علماء القراءة على جمع تلك القراءات في مؤلفاتهم، وقد أحصى أحد الباحثين قريبا من تسعين كتابا أو رسالة أو نسخة في القراءات القرآنية من بدء عصر التأليف حتى عصر ابن مجاهد المتوفى سنة ٣٢٤ هـ (١). ولكن تلك المؤلفات لم يبق منها إلا أسماؤها أو إشارات مختصرة إليها، وأقدم كتاب في القراءات وصل إلينا هو كتاب السبعة في القراءات لأبي مجاهد الذي كان له أثر كبير في رواية القراءات ودراستها.
ومن الإشارات المفيدة التي تخص المؤلفات القديمة في القراءات التي سبقت عصر ابن مجاهد ما ذكره ابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ) عن مناهج عدد من تلك المؤلفات وما ذكر فيها من القراء وقراءاتهم، حيث قال: «فكان أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب أبو عبيد القاسم بن سلّام، وجعلهم فيما أحسب خمسة وعشرين قارئا مع هؤلاء السبعة، وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين.
وكان بعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي، نزيل أنطاكية جمع كتابا في قراءات الخمسة من كل مصر واحد، وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائتين.
وكان بعده القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي، صاحب قالون، ألّف كتابا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إماما منهم هؤلاء السبعة، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.