وعن محمد بن المنكدر أنه قال: «القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول» (١).
وقال أبو عمرو الداني: «والأخبار الواردة عن السلف والأئمة والعلماء في هذا المعنى كثيرة» (٢).
وفي كتب القراءات وأخبار القراء أمثلة كثيرة وشواهد متعددة على أن القراءات منقولة نقلا وليس من اجتهاد القراء، فهذا أبو عمرو بن العلاء (ت ١٥٤ هـ) كان إمام أهل البصرة في اللغة والنحو، وهو أحد القراء السبعة، كان «لا يقرأ بما لم يتقدمه فيه أحد» وكان يقول: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ به لقرأت حرف كذا وكذا، وحرف كذا وكذا» (٣). وحين سأله تلميذه أبو زيد اللغوي «أكلّ ما أخذته وقرأت به سمعته؟ قال: لو لم أسمعه لم أقرأ به، لأن القراءة سنة» (٤).
وكان علماء اللغة والنحو والتفسير يرددون مع علماء القراءة أن القراءة سنة، فقال سيبويه: «إن القراءة لا تخالف لأنها السّنّة» (٥). وقال أبو علي النحوي:
«وليس كل ما جاز في قياس العربية تسوغ التلاوة به، حتى ينضم إلى ذلك الأثر المستفيض بقراءة السلف له وأخذهم به، لأن القراءة سنة» (٦).
وقال القسطلاني: «الإسناد أعظم مدارات هذا الفن، لأن القراءات سنة متبعة ونقل محض (٧). ولذلك لا بد في القراءة من المشافهة والسماع (٨). فلو

(١) كتاب السبعة ص ٤٩ - ٥٥.
(٢) جامع البيان ١٢ ظ.
(٣) ابن مجاهد: كتاب السبعة ص ٤٨.
(٤) مكي: التبصرة ص ٢٣٥.
(٥) الكتاب ١/ ١٤٨.
(٦) الحجة ١/ ٢٩.
(٧) القسطلاني: لطائف الإشارات ١/ ١٧٢.
(٨) ابن الجزري: النشر ٢/ ٣٥٨.


الصفحة التالية
Icon