«كان أول من سمع بالبصرة وجوه القراءات وألّفها وتتبع الشاذ منها، فبحث عن إسناده هارون بن موسى الأعور، وكان من القراء، فكره الناس ذلك، وقالوا قد أساء حين ألّفها... » (١). قال الأصمعي (ت ٢١٥ هـ): «كنت أشتهي أن يضرب مكان تأليفه الحروف» (٢).
وكما تشكك بعض العلماء في صحة نقل تلك القراءات فإن بعضا منهم حمل القراءات الشاذة المخالفة لخط المصحف على التفسير، فقال أبو بكر بن الأنباري:
«وما يؤثر عن الصحابة والتابعين أنهم قرءوا بكذا وكذا إنما ذلك على جهة البيان والتفسير، لا أن ذلك قرآن يتلى» (٣). وقال معلقا على قراءة مروية عن ابن الزبير لقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (١٠٤) [آل عمران] ويستعينون الله على ما أصابهم: «وهذه الزيادة من تفسير ابن الزبير، وكلام من كلامه، غلط فيه بعض الناقلين فألحقه بألفاظ القرآن» (٤).
وقال أبو جعفر النحاس: «وهذا من القراءات المخالفة للسواد، وأكثرها لا يصح ولا يوجد إلا معلولا» (٥). وقال معلقا على إحدى تلك القراءات: «فلا يجوز لأحد أن يقرأ بها لمخالفتها المصحف، ولو صحت لكانت على التفسير لا على القراءة» (٦).
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني: «وكان منهم من يقرأ التأويل مع التنزيل، نحو قوله تعالى: وَالصَّلاةِ الْوُسْطى (١٣٨) [البقرة] وهي صلاة

(١) السخاوي: جمال القراء ١/ ٢٣٥، وأبو شامة: المرشد الوجيز ص ١٨١.
(٢) أبو شامة: المرشد الوجيز ص ١٨١.
(٣) نقلا عن: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ١/ ٨٦.
(٤) المصدر نفسه ٤/ ١٦٥.
(٥) القطع ص ٤٢٥.
(٦) القطع ص ٤٧٤، وينظر: ص ٢١٢ و ٢٥٨ و ٥١١.


الصفحة التالية
Icon