قال ابن سعد: «نزل الملك على رسول الله ﷺ بحراء، يوم الاثنين، لسبع عشرة خلت من شهر رمضان (١)، ورسول الله يومئذ ابن أربعين سنة، وجبريل الذي كان ينزل عليه بالوحي» (٢).
وقد قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (١٨٥) [البقرة].
المبحث الثالث فتور (٣) الوحي
إن الارتقاء إلى مقام النبوة الذي تنكشف معه حجب الغيب، ويتصل الإنسان فيه بعالم الروح- أمر يستدعي كثيرا من الإعداد النفسي الذي ينقل الإنسان إلى ذلك المقام من غير أن يصاب بانهيار نفسي أو اضطراب عقلي. ويلمس المتأمل جوانب ذلك الإعداد الإلهي في حياة النبي محمد ﷺ متمثلة بأمور عدة منها:
١ - ما رآه وسمعه من الضوء والصوت غير المألوف له من قبل.
٢ - الرؤيا الصادقة التي صارت تتكرر وتتحقق مما يخرج عن العادة.
٣ - الميل نحو الخلوة، وتفرغه لها في أعلى جبل حراء، وما توحيه تلك الخلوة في ليلها الساجي الساكن ونهارها الضاحي الطويل من شعور.
٤ - ما لقيه ﷺ من الضم الشديد من الملك في اللقاء الأول، لإعداده لتحمل الثقل المصاحب لإيحاء القرآن إليه.
مدخل إلى القرآن الكريم ص ٢٨).
(٢) الطبقات الكبرى: ١/ ١٩٤.
(٣) فتور الوحي: انقطاع نزول جبريل على النبي ﷺ مدة بعد نزوله عليه في غار حراء.