وذكر ابن النديم في كتابه (الفهرست) خمسة وعشرين كتابا في معاني القرآن ومشكله ومجازه، من تأليف كبار علماء العربية، منهم: الكسائي، والأخفش، ويونس بن حبيب، والمبرد، وقطرب، وأبو عبيدة، والفراء، وابن كيسان، وابن الأنباري، والزجاج، وثعلب، وغيرهم (١).
وأشهر كتب معاني القرآن المعروفة في زماننا كتاب (معاني القرآن) لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت ٢٠٧ هـ)، وكتاب (معاني القرآن) لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش (ت ٢١١ هـ)، و (مجاز القرآن) لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت ٢١٠ هـ على خلاف)، وكتاب (معاني القرآن وإعرابه) لأبي إسحاق إبراهيم بن السّريّ الزجاج (ت ٣١١
هـ)، وهو الكتاب الذي نريد أن نتحدث عنه ممثلا لاتجاه متميز في تفسير القرآن الكريم، يهتم بالناحية اللغوية أكثر من الجوانب الأخرى في التفسير.
والزجاج رجل يشهد الذين ترجموا له بأنه كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، رفعته همته من مهنة كان فيها يخرط الزجاج، إلى علم شامخ بين اللغويين والنحاة، ذلك أنه آنس من نفسه ميلا إلى النحو واشتهى التبحر فيه، فأخذه عن ثعلب رأس النحاة الكوفيين في بغداد في زمانه، ثم انتقل عنه إلى المبرد رأس النحاة البصريين في بغداد في زمانه، وقد خلّف الزجاج التآليف في تفسير القرآن، واللغة، والنحو، والعروض (٢).
ويقوم منهج الزجاج في كتابه (معاني القرآن وإعرابه) على ذكر الآية، ثم اختيار ألفاظ منها ليحللها تحليلا لغويا، فيذكر أصل الكلمة، والمعنى الذي تدل عليه، ويستشهد بما يؤيد رأيه من كلام العرب، وقد يستطرد فيشرح الأمثلة التي يستشهد بها، ثم يعود لإعراب الآية إن كان فيها ما يحتاج إلى إعراب.

(١) الفهرست ص ٣٤.
(٢) ينظر: الداودي: طبقات المفسرين ١/ ٧ - ١٠، ومصطفى الجويني: مناهج في التفسير ص ٩٣ - ٩٤.


الصفحة التالية
Icon