المبحث الرابع كيف تلقى رسول الله ﷺ القرآن
ليس من شأن البشر التلقي عن الله تعالى مباشرة، وقد أكد القرآن ذلك، وبيّن السّبل التي يبلّغ الله بها كلماته إلى المصطفين من عباده، قال الله تعالى:
* وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣) [الشورى].
فهذه الآيات تبيّن أنّ هناك ثلاث طرق لتبليغ المعرفة الإلهية هي:
١ - الوحي: ومعناه في اللغة الإعلام الخفي (١)، وقد يكون بالرؤيا الصادقة أو بالإلهام، وهو أن يلقي الله في النفس أمرا يبعث على الفعل أو الترك (٢).
٢ - من وراء حجاب، كما كلّم الله تعالى موسى، عليه السّلام (سورة النساء ١٦٤ وسورة طه ١١).
٣ - الرسول، وهو الملك الذي ينزل إلى الانبياء والرسل (٣).

٣ - إن انقطاع الوحي ثلاث سنوات لا يتناسب مع ما وجد فيه رسول الله ﷺ نفسه من التطلع إلى لقاء جبريل وما أصابه من الحزن بسبب تأخر ذلك بعض الوقت، فلو كانت مدة انقطاع الوحي ثلاث سنوات لأدى ذلك فيما أحسب إلى أحد أمرين: إما نسيان القضية كلها، وإما أن يؤدي ذلك الحزن بحياته ﷺ ومن ثم فإن الراجح أن مدة فتور الوحي كانت أياما أو أسابيع معدودة (ينظر: ابن حجر: فتح الباري ١/ ٢٧ و ٨/ ٧١٠ و ١٢/ ٣٦٠).
(١) ابن منظور: لسان العرب ٢٠/ ٢٥٧ وحي.
(٢) المصدر نفسه ١٦/ ٢٨ لهم.
(٣) ينظر: الطبري: جامع البيان ٢٥/ ٤٥.


الصفحة التالية
Icon