البردي في مصر قديما (١). وفي رواية أنها من الورق (٢)، وقيل إن زيدا كتبه في قطع الأدم (٣).
ثالثا- التدقيق في جمع القرآن:
إن ما بأيدي الدارسين اليوم من روايات تتعلق بجمع القرآن الكريم في المصحف تشير إلى أن زيد بن ثابت لم يعمل منفردا، وإن كان قد تحمل العبء الأكبر من العمل، لما توفر له من الصفات التي جعلت الخليفة يختاره لهذه المهمة، فقد روي أن أبا بكر الصديق طلب من عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت أن يقعدا على باب المسجد، ويناديا: من كان تلقى من رسول الله ﷺ شيئا من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكانا لا يقبلان من أحد شيئا، حتى يشهد شهيدان (٤). وقد قيل إن المراد بالشهيدين أن يشهدا على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، (٥) قال أبو شامة:
«إنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي ﷺ ولم يكتبوا من حفظهم... » (٦).
ويتبين من ذلك أن زيد بن ثابت اتبع في جمع القرآن طريقة التحقيق العلمي التي تنأى عن الخطأ، وقد اتبع الطريقة بدقة دونها كل دقة، فقد طلب أبو بكر إلى كل من عنده من القرآن شيء مكتوب أن يجيء به إلى زيد، واجتمع لزيد من الرقاع والأكتاف وجريد النخل ورقيق الحجارة، ومن كل ما كتب أصحاب رسول
(٢) أبو شامة: المرشد الوجيز ص ٦٤، والسيوطي: الاتقان ١/ ١٦٩.
(٣) الطبري: جامع البيان ١/ ٢٦.
(٤) ابن أبي داود: كتاب المصاحف ص ٦، والسيوطي: الاتقان ١/ ١٦٦.
(٥) أبو شامة: المرشد الوجيز ص ٥٥، وابن حجر: فتح الباري ٩/ ١٥.
(٦) المرشد الوجيز ص ٥٧.