ومحا (فأمهل) وكتب فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ (١٧) [الطارق]، وكتب لَمْ يَتَسَنَّهْ (٢٥٩) [البقرة] ألحق فيها الهاء» (١).
وهذا الحرص والتدقيق في رسم كلمات القرآن يدل على نحو لا يقبل الشك أن القرآن الكريم قد حفظ نصه كما تلقاه الصحابة عن رسول الله ﷺ وأنه حظي في جميع مراحل كتابته بالمراجعة التي لا تدع مكانا للنسيان والوهم في عمل يتعلق بالقرآن الكريم.
وكان أبو بكر الصديق قصد جمعه في مكان واحد، ذخرا للإسلام يرجع إليه إن ذهب قراؤه، وعثمان قصد أن يقتصر الناس على تلاوته على اللفظ الذي كتب بأمر النبي ﷺ ولا يتعدوه إلى غيره من القراءات التي كانت مباحة لهم (٢).
قال القاضي أبو بكر الباقلاني: «وجميع القرآن الذي أنزله الله تعالى، وأمر بإثباته ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته، هو الذي بين اللوحين، الذي حواه مصحف عثمان، رضي الله عنه، لم ينقص منه شيء، ولا زيد فيه شيء، نقله الخلف عن السلف» (٣).
المبحث الرابع تأليف القرآن
كلمة (تأليف) مصدر للفعل ألّف، يقال في اللغة: ألّفت بينهم، إذا جمعت بينهم بعد تفرق، وألّفت الشيء تأليفا، إذا وصلت بعضه ببعض، ومنه تأليف الكتب (٤). وقد استخدمت عبارة (تأليف القرآن) في المصادر القديمة، ويراد بها
(٢) أبو شامة: المرشد الوجيز ص ٧١.
(٣) نكت الانتصار ص ٥٩.
(٤) ابن منظور: لسان العرب ١٠/ ٣٥٢ ألّف.