أحمد وأبو داود عن أوس بن حذيفة الثقفي، قال: كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف... فذكر الحديث، وفيه: فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طرأ عليّ حزبي من القرآن، فأردت ألّا أخرج حتى أقضيه» قال أوس: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تحزّبون القرآن؟ قالوا: نحزّبه: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من ق حتى نختم. فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم (١).
وقد أكد عدد من العلماء استنادا إلى هذه الروايات وغيرها (٢)، أن ترتيب السور في المصحف توقيفي أيضا، منهم أبو بكر بن الأنباري الذي قال: «اتساق السور كاتساق الآيات والحروف، كله عن النبي صلى الله عليه وسلم» (٣). وقال الحافظ أبو عمرو الداني: «القول عندنا في تأليف السور وتسميتها وترتيب آيها في الكتابة: إن ذلك توقيف من رسول الله ﷺ لتوفر مجيء الأخبار بذلك، واقتضاء العادة بكونه كذلك، وتواطؤ الجماعة عليه» (٤).
وقد لخص الإمام مالك بن أنس هذا الموضوع بقوله المشهور الذي نقله عنه عبد الله بن وهب: «إنما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم» (٥).
(٢) ينظر: السيوطي: الاتقان ١/ ١٧٧ - ١٧٩.
(٣) نقلا عن السيوطي: الاتقان ١/ ١٧٧.
(٤) كتاب البيان: ص ٤٠.
(٥) الداني: المقنع ص ٨، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن ١/ ٦٠.