التعريف بحسب المكان: المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة (١). وقسّم هبة الله بن سلامة المفسر البغدادي (ت ٤١٠ هـ) المكي على قسمين، هما: المكي الأول، وهو ما نزل في مكة قبل الهجرة، والمكي الأخير: وهو ما نزل فيها بعد الفتح (٢).
٢ - كيفية معرفة المكي والمدني:
لم يحدثنا التاريخ أن النبي ﷺ كان قد أمر أصحابه بحفظ الآيات والسور على زمان النزول، وإنما تشير الروايات إلى أنه كان يحدد لهم مواضع الآيات من السور وقت التنزيل وعند كتابتها في الرقاع. ومن ثم فإن الصحابة كانت جهودهم متجهة إلى حفظ القرآن مرتبا على نحو ما يرتبه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن بقي في ذاكرتهم ما لاحظوه من مكان وزمان نزول كثير من الآيات والسور، ونقل ذلك عنهم تلامذتهم من التابعين. قال القاضي أبو بكر الباقلاني:
«إنما يرجع في معرفة المكي والمدني إلى حفظ الصحابة التابعين، ولم يرد عن النبي ﷺ في ذلك قول، لأنه لم يؤمر به، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة، وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ، فقد يعرف ذلك بغير نص الرسول» (٣).
ولاحظ العلماء أن معرفة المكي والمدني من سور القرآن يمكن أن يكون من طريقين: سماعي وقياسي (٤).
فالسماعي: ما وصل إلينا الخبر بنزوله في مكة أو المدينة، قبل الهجرة أو

(١) الزركشي: البرهان ١/ ١٧٨.
(٢) الناسخ والمنسوخ ص ٣٢٢ - ٣٢٣.
(٣) نقلا عن السيوطي: الاتقان ١/ ٢٣.
(٤) الزركشي: البرهان ١/ ١٨٩.


الصفحة التالية
Icon