قصص الأنبياء، وأن السور المدنية نزل أكثرها في الأحكام الشرعية، وفي الرد على اليهود والنصارى وذكر المنافقين، والفتوى في مسائل، وذكر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وحيث ورد: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو مدني، وأما يا أَيُّهَا النَّاسُ فقد وقع في المكي والمدني» (١).
٣ - أهمية معرفة السور المكية والسور المدنية:
لهذا البحث التاريخي في تحديد وقت نزول سور القرآن فوائد يذكرها العلماء في مجال الدراسات القرآنية منها (٢):
أ- تتوقف معرفة الآيات الناسخة والمنسوخة على معرفة ما نزل أولا، قال النحاس: «وإنما نذكر ما أنزل بمكة لأن فيه أعظم الفائدة في الناسخ والمنسوخ، لأن الآية إذا كانت مكية، وكان فيها حكم، وكان في غيرها حكم غيره نزل بالمدينة، علم أن المدنية نسخت المكية» (٣).
ب- ساير نزول القرآن تاريخ الدعوة، وترتيب السور ترتيبا زمنيا يمكننا من تصور تأريخ السيرة تصورا أكثر جلاء ووضوحا، في ضوء الآيات القرآنية الكريمة، والقرآن من هذه الناحية يعتبر المرجع الأصيل لدراسة السيرة النبوية.
ج- إن تتبع السور المكية والسور المدنية والنظر في موضوعاتها وأسلوبها يكشف عن المنهج الذي رسمه القرآن للدعوة في مراحلها المختلفة، فكانت موضوعات السور المكية تتحدث عن قضية العقيدة خاصة، وتعددت صور عرضها، في أسلوب قوي مؤثر، لأنه كان يخاطب أناسا غلب عليهم الشرك وفساد العقيدة، فلما استقرت العقيدة الصحيحة في قلوب الجماعة المؤمنة التي تكونت في

(١) التسهيل لعلوم التنزيل ١/ ٨.
(٢) مناع القطان: مباحث في علوم القرآن ص ٥٩.
(٣) الناسخ والمنسوخ ص ٢١٤، وينظر: الحارث المحاسبي: فهم القرآن ص ٣٩٤.


الصفحة التالية
Icon