وألّف عدد من العلماء بعد عصر تدوين العلوم الإسلامية كتبا خاصة لوصف طريقة كتابة الكلمات في المصاحف العثمانية (١)، لعل من أشهرها في زماننا كتاب (المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار) لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني الأندلسي المتوفى سنة ٤٤٤ هـ. وهو مطبوع عدة طبعات.
ثانيا- علم النقط والشكل:
كانت المصاحف العثمانية مجردة من نقاط الإعجام ومن الحركات وغيرها من علامات الحركات، لخلو الكتابة العربية في تلك الحقبة منها، وبقيت الكتابة العربية تستعمل على ذلك النحو حتى النصف الثاني من القرن الأول الهجري، حين بدأت الدراسات اللغوية في العراق، وكان خلوّ الكتابة العربية من العلامات من أولى المشكلات التي عالجتها تلك الدراسات.
وتجمع المصادر العربية القديمة على أن أبا الأسود الدؤلي (ظالم بن عمرو ت ٦٩ هـ) هو أول من اخترع طريقة لعلامات الحركات تعتمد على النقاط الحمر، وكان ذلك في البصرة، فجعل الفتحة نقطة فوق الحرف، والكسرة نقطة تحت الحرف، والضمة نقطة أمام الحرف، وجعل التنوين نقطتين (٢).
وتنسب المصادر العربية إلى نصر بن عاصم الليثي البصري (ت ٩٠ هـ)، وهو تلميذ أبي الأسود الدؤلي، اختراع نقاط الإعجام التي تميز بين الحروف المتشابهة في الرسم، مثل الدال، والذال، والراء، والزاي، ونحوها. وكان ذلك بتوجيه من الحجاج بن يوسف الثقفي في أثناء ولايته على العراق بين سنة (٧٥ - ٩٥ هـ) (٣).
(٢) ابن الانباري: إيضاح الوقف ١/ ٤٩، وابن النديم: الفهرست ص ٤٥، والداني: المحكم ص ٤ - ٦.
(٣) حمزة الأصفهاني: التنبيه على حدوث التصحيف ص ٢٧، والعسكري: شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص ١٣.