للمرتابين وقوله بعد: "أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون " وقوله "والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم لا يخلقون " إلى ما بعد ثم قال "وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين " ثم قال "قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد " وقال "إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين " ثم قال "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت " ثم قال "ويجعلون لله ما يكرهون "ثم قال بعد آى فذكر بما امتن به سبحانه فقال "ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا...
الآية " وعلى هذا استمرت آية سورة النحل وقد تخللها من تذكيرهم بإنعام الله عليهم كثير إلى قوله "والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا " وكل هذا تذكير بعجائبه من إنعامه تعالى لا يمكن نسبة شئ منها لغيره ثم أعقب ذلك بقوله "كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون " أى تدخلون فى دين الإسلام الذى لا يقبل فى الآخرة سواء فهذا أوضح تناسب والسورة مكية.
أما آية المائدة فلم يقع قبلها لغير المؤمنين ولا ما قصد به سواهم ولم يخاطبوا باسم الإيمان إلا وإسلامهم حاصل ثم علموا طهارتهم بعد بيان ما أحل لهم وحرم عليهم ثم أعقب تعليمهم برخصة التيمم عند تعذر الماء فناسب رجاء إنعامه عليهم بهدايتهم للشكر فقيل "لعلكم تشكرون " ولم يكن ليلائم فى كل من ختام الآتين إلا الوارد فيه ولا يناسب عكس الوارد بوجه فورد كل على ما يجب ويناسب والله أعلم بما أراد.
الآية الخامسة من سورة المائدة
قوله تعالى: "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم " وفى سورة الفتح: "وعد الله الذبن آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما "، فقيل هاهنا "منهم "ولم يقل فى آية المائدة "منكم " على مقتضى الخطاب ولا "منهم "على الالتفات فيخصص كما فى آية الفتح بل قطع وعد عن نصب مفعوله وجئ بالجملة فى موضعه فقيل لهم مغفرة وأجر عظيم وجرى ذلك على ما يعم الكل ولا يخص فيسأل عن وجه ذلك.
والجواب عنه والله أعلم: أن آية المائدة لما قدمتها خطاب المؤمنين فى قضيتين: الأولى منهما " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة...
إلى قوله لعلكم تشكرون "