علينا نصر المؤمنين " ثم عاد الكلام إلى إتمام ما تقدم مما يرسل سبحانه به ولا جله الرياح فقال بصورة الاستئناف لأجل آية الاعتراض: "الله الذى يرسل الرياح " وأورد من النعم بها ما ذكر قبل وجاء بلفظ الاستقبال لأنه من تتميم ما تقدم وليناسبه ولو جاء بلفظ الماضى لما ناسب والله أعلم.
وأما آية الفرقان فقد تقدمها قوله تعالى: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وهو الذى جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا " فورد قبلها ذكر هذه الدلالات وواضح هذه الشواهد وقد تقيد زمان خلقها بالماضى فى خمس كرات مع أنها مما يتكرر فى الآيات ويتوالى وكذا فى مطلع السورة وما وقع بعده مما يعتبر به وليس بإخبار أخراوى فأتبع سبحانه ذلك بموافق مناسب فقال: "وهو الذى أرسل الرياح نشرا " ولم يكن ورود المستقبل هنا ليناسب فجاء على ما يجب.
وأما آية سورة الملائكة فمبنية على مطلع السورة وذلكم قوله تعالى: "الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة " و"فاطر "و "جاعل "هنا بمعنى المضى ولا يمكن فيهما غير ذلك ولم يقع بعد هذا ذكر مقصود به الاعتبار من مخلوقاته سبحانه مما نصبه دالا عليه إلا قوله: "الله الذى أرسل الرياح " فجاء ذلك مناسبا لقوله: "فاطر السماوات والأرض "و " جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة " لموافقة الفعل الماضى اسم الفاعل معنى ومناسبته ولا يناسبه المستقبل وأما ما وقع بين الآية وبين ما بنيت عليه مما ذكرنا فليس من قبيل المذكور فيه ما نصبه سبحانه دليلا للاعتبار لذوى الافتكار كخلق السماوات والأرض وإرسال الرياح فهذه المذكورات الثلاث هى المقصودة هنا للاعتبار.
أما قوله: "يزيد فى الخلق ما يشاء " إلى ما بعده إلى آية إرسال الرياح مع جليل إلتحامه بما اتصل به فليس من قبيل ما ذكرناه ولا يمنع من حمل الآية المتكلم فيها على نحو ما ذكر وجملها عليه ولا يناسب المستقبل هنا ما تقدمه مما بينا حمله عليه وأنه لا يصح حمله على غير ما ذكر والله أعلم بما أراد.
والجواب عن السؤال الثانى: إن آية الأعراف قد تقدمها قوله تعالى: "إن ربكم الله الذى خلق السماوات والأرض " ثم قال: "ادعوا ربكم تضرعا وخفية " وقال: "وادعوه خوفا وطمعا " ثم قال: "إن رحمة


الصفحة التالية
Icon