الأصل؟ والثانى قوله فى الأولى "فهم لا يفقهون " وفى الثانية "فهم لا يعلمون ".
والجواب عن الأول: أن مطلع الآية قبلها قوله تعالى: " وإذا أنزلت سورة " على بناء الفعل للمفعول فجاء قوله "وطبع على قلوبهم " على ذلك ونوسب بختام هذه الآية بداءة ما قبلها وأما الثانية فلم يقع قبلها فعل بنى للمفعول وقد ذكر الفاعل فيها فجرى الكلام على ما يجب فقيل "وطبع الله على قلوبهم ".
والجواب عن الثانى: أن قوله "وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله " لما اجتمع ذكر إنزال السورة والاشارة إلى ذكر المراد بها بقوله: "أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله " استدعى ذلك نظر من بلغه هذا المنزل واعتباره وتفهم المقصود به إلى الكمال ليقع الامتثال على وجهه فلما تراموا إلى الخلود إلى الراحة وترك الجهاد الذى تحملت الآية الأمر به ناسب ذلك أن ينفى عنه الفهم والتدبر فقيل: "وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " والتفقه التفكر والاعتبار ولما لم يقع فى الآية بعد ذكر تديره وتفهمه لقرب المعنى المراد منه وذلك قوله: "إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء " صرف النفى إلى الحاصل على التفهم وهو العلم فقيل: "وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ".
الآية الثامنة من هذه السورة قوله تعالى: " قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " وقال بعد هذا: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة... "الآية فيها أربع سؤالات: الأول: قوله فى الأولى "وسيرى الله عملكم " بواو النسق ولم يرد فيها "والمؤمنون " وقال فيها "ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة " وقال فى الثانية "فسيرى الله " بفاء التعقيب وفيها "والمؤمنون " ولم يقل فى الأولى "والمؤمنون " وقال "وستردون " بالواو وفى الأولى "ثم تردون ".
فاختلفت الآيتان فى ثلاثة مواضع فيسأل عنها وهل كان يصح وقوع الأولى فى موضع الثانية؟ والثانية فى موضع الأولى؟ وكل منهما على ما بنى؟ فهذه أربعة أسئلة.
والجواب عنها على الجملة أن الآية الأولى فى المنافقين لم يخالطهم سواهم والثانية فى طائفة من المؤمنين كان فيهم تقصير ولهم إيمان فأنسوا وقوى رجاؤهم قال الطبرى: "هى فيمن تاب من المخلفين " قلت ويشهد لهذا ما اتصل بالآية مما قبلها والواقع


الصفحة التالية
Icon