الآية الثامنة عشرة:
قوله تعالى: "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " وفى سورة آل عمران: "ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " فأفرد فى البقرة الوصف وجمع فى آل عمران فقيل معدودات والجارى عليه الوصف فى السورتين قوله تعالى: "أياما " بلفظ واحد فيسأل عن موجب اختلاف الوصف فأقول: إن المجموع بالألف والتاء منحصر فى أربعة أضرب: ثلاثة متفق علها والرابع مختلف فيه.
فأما الثلاثة فكل علم لمؤنث نحو: هند ودعد، وكل ما فيه تاء التأنيث لمذكر كان أو لمؤنث عاقل أو غير عاقل نحو: طلحة وحوزة وشجرة، وكل مصغر لغير العاقل نحو دريهمات وما أشبه ذلك، فهذه الضروب الثلاثة متفق عليها وضرب رابع مختلف فيه وهو كل اسم مكبر لغير العاقل مذكرا كان أو مؤنثا لم يسمع فيه عن العرب جمع تكسير نحو حمام وحمامات وسبطر وسبطرات وجمل سبحل وسبحلات وسرادق وسرادقات وايوان وايوانات وربحل وربحلات فإن سمع من العرب شئ من هذا جمع جمع تكسير لم يجز جمعه بالألف والتاء.
قال سيبويه رحمه الله: "قالوا جوالق وجواليق فلم يقولوا جوالقات حين قالوا جواليق يعنى حين كسروا وقالوا فى المؤنث عيدات حين لم يكسروها على بناء يكسر عليه مثلها ".
ثم إن صفة كل مؤنث جارية عليه فى حكمه من التأنيث إلا أربعة أضرب وهى: فعلى وأفعل، وفعلى فعلان، وما يشترك فيه المذكر والمؤنث من الصفات كمعطار ومذكار وميناث، وما ينفرد به المؤنث كحائض وطامث، فهذه الضروب الأربعة لا يجمع شئ منها بالألف والتاء وسائر ما يجرى على المؤنث من الصفات لا يمتنع من ذلك.
ثم إن ما يجمع جمه التكسير من مذكر غير عاقل قد يتبع بالصفة المفردة مؤنثه بالتاء كما يفعل فى الخبر تقول: ذنوب مغفورة وأعمال محسوبة، وقال تعالى: "فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابى مبثوثة " ومنه قوله تعالى مخبرا عن يهود: "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة "، ثم قد يجمع هذا الضرب بالألف والتاء رعيا لمفرده وان لم يكثر الا أنه فصيح ومنه: "واذكروا الله فى أيام معدودات ".
وإذ تبين ما ذكرناه وانه الجارى الكثير مع ما وقع فى آية البقرة من الإيجاز وفى الأخرى من الاطالة ألا ترى قوله تعالى: "فى آية آل عمران: "ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " وفى البقرة: "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " واخباره تعالى باغترارهم


الصفحة التالية
Icon