وما هو من الكتاب....
الآية "، فليهم أسنتهم من ضرب الكتم وبالجملة فالآية مرتبطة بما يفصلها عن آيتى البقرة ومناسبتها موضعها بين لما تقدمها من قوله: "ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومن من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك الا ما دمت عليه قائما "الى ما يتلو هذا فخصوص هذه الآية بموضعها أوضح شئ وكل من هذه الآيات جار على أوضح مناسبة والله أعلم.
الآية الحادية والثلاثون: قوله تعالى: "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها " وفيما بعد من هذه السورة: "تلك حدود الله فلا تعتدوها ".
للسائل أن يسأل عن الفرق الموجب لقوله فى الأولى: "فلا تقربوها " وفى الثانية: "فلا تعتدوها ".
وقد يجاب عن هذا والله أعلم بأن يقال: أن النهى عن مقاربة الشئ عنوان على تأكيد التحريم وتغليظه ولما كان قرب المساء بالمباشرة بالأجساد وما يجارى ذلك داعيا إلى المواقعة، وقل من يملك فى ذلك نفسه ويغلب هواه ولهذا قالت عائشة رضى الله عنها: "وأيكم يملك أربه..
الحديث "، والمقصود منعه فى أمثال هذه المواطن إنما هو الجماع وهو مؤكد التحريم نهى عما هو أقرب شئ وأدعاه إليه تحذيرا من مواقعته وتعريفا بتأكيد تحريمه، وتأمل إطراد ذلك فبما يرجع إلى نحو هذا كقوله تعالى فى الحيض: "ولا تقربوهن حتى يطهرن " وانما المحرم الجماع وقال تعالى: "ولا تقربوا الزنى "، ومن هذا منع الطيب للمحرم لأنه داعية إلى الجماع ففى هذا الضرب وما يلحق به مما يراد شدة تحريمه من مآل مرتكب محرم مؤكد التحريم يرد النهى عن المقاربة وإذا نهى عن مقاربة محرم ما علم من ذلك تأكيد ذلك المحرم فأما إذا قصد بيان عام وفارق بين ما يحل ويحرم، فلا يقع النهى عن مقاربة إذ لم يقصد الا فرقان حاجز بين ما يحل ويحرم ولم يقصد بيان حال محرم ما من شدة أو خفة فإنما النهى فى مثل هذا عن تجاوز حد مضروب بين محرم ومحلل ومن هذا قوله تعالى: "الطلاق مرتان " إلى قوله تعالى: "فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " ثم قال: "تلك حدود الله فلا تعتدوها " فحصل من الآية الكريمة أنه سبحانه حرم أموالهن على الأزواج بغير حق ما لم يقع منهن نشوزا أو اباية عن القيام بما يجب عليهن أو يطلبن به من حقوق الأزواج واقامة الحدود فإن أبين وخيف منهن أن لا يقمن حدود الله أو خيف ذلك منهما معا برئت ذمة الرجل من الاضرار جاز له إذ ذاك ما يأخذه مما تعطيه المرأة من مالها مفتدية به قال تعالى: "فلا جناح عليهما فيما افتدت