به "، فليس هنا الا حلال أو حرام لا واسطة بينهما ولا ما هو مسبب للحرام قصد تحريمه لتغليظ ما يتسبب عنه مثل هذا إنما يرد النهى فيه عن الاعتداء الذى هو مجازاة ما يحل إلى ما
يحرم وتأمل الضربين يلح لك ما ذكرته وورود كل منهما على ما يجب ويناسب.
الآية الثانية والثلاثون: قوله تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين " وفى سورة الاتفال: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما تعملون بصير ".
للسائل أن يسأل عن تخصيص آية الانفال يالتأكيد الحصرى فقيل: "كله " تأكيدا ولم يرد ذلك فى آية البقرة وعن تعقيب آية البقرة بقوله: "فلا عدوان الا على الظالمين " وآية الانفال بقوله: " فإن الله بما تعملون بصير " فهذان سؤالان.
والجواب عنهما معا أن آية البقرة نزلت لعداوة رسول الله ﷺ وتعرض بالظلم والتنكيل لمن آمن به ﷺ وطردوهم كل مطرد فأذن الله لرسوله فى قتالهم لظلمهم إياهم فقال تعالى: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ".
وهى أول آية أنزلت فى سورة القتال وقال تعالى: "وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم " فقيد قتالهم بمن قاتلهم وقال تعالى: "ولا تعتدوا " فأكد ما تقدم من التخصيص وقال تعالى: "واقتلوهم حيث ثقفتموهم " والضمير للمذكورين ويعضد ذلك ويبين خصوصه بمن ذكر قوله تعالى: "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم " وانما أخرجهم أهل مكة وقال تعالى: "والفتنة أشد من القتل "، فأشعر بأن قتالهم جزاء على فتنتهم إياهم وأنهم قد بدؤوا المؤمنين بالفتنة كما قال: "وهم بدؤوكم أول مرة "، وفتنتهم المؤمنين فى دينهم أشد من قتال المؤمنين إياهم ثم حذر المسلمين من قتالهم عند المسجد الحرام حتى يبدأهم المشركون بذلك ثم قال: "فإن قاتلوكم " أى عند المسجد الحرام فاستحلوا حرمته فاقتلوهم فقد علموا صنع الله بمن استحل ذلك وهتك حرمة بيته فإن فعلوا فقاتلوهم عنده جزاء على فعلهم ثم قال نهاية الآية: "فإن انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين "، باستحلال قتالهم وفتنة المسلمين وتعذيبهم بحرم الله وبيته فالآية هنا واردة فى مخصوصين والكلام مقيد فلم