يكن ليناسبه الإطلاق والتعميم الحاصل من التأكيد بكل المحرزة للعموم زالمقتضية الاحاطة والاستغراق.
وأما آية الانفال فقد قال قبلها: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " وهذا بمقتضى اللفظ فى كل كافر ومثل هذا وإن ورد على سبب خاص فإن وروده على ذلك السبب غير مانع من دعوى العموم فيه هذا وهذا متفق عليه فى فن الاصول وقد استقر معلوما فى السريعة أن كل كافر بأى كفر كفر فانه إذا أسلم فإن إسلامه يجب ما قبله ويمحوه فلما اقتضت الآية الاستغراق والعموم ناسب ذلك التأكيد المعمم فقال تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين الدين كله لله "، ثم لما قال كان قتال عامة الكفار على أن يدخلوا فى الدين وينبذوا ما سوى دين الإسلام وكان الحاجز عن قتالهم تظاهرهم بالاسلام ونطقهم بالشهادتين وتوكل سرائرهم إلى الله أغقبت الآية بما يشير إلى ذلك فقال تعالى: "فان انتهوا " أى عن كفرهم "فإن الله بما تعملون بصير " أى لا تخفى عليه أعمالهم وليس لك أن تنقب عن قلوبهم فجرت الآية مع الحديث المفسر لها من قوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دمائهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله "، فلما اختلف المقصد فى الآيتين أعقبت كل واحدة منهما بما يناسب مقصودها على ما يجب والله أعلم.
الآية الثالثة والثلاثون: قوله تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب "، وقال فى سورة آل عمران: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين "، وفى سورة براءة: " أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " ففى البقرة وآل عمران: " أن تدخلوا الجنة " وفى براءة: " أن تتركوا " وفى سورة البقرة: " ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم " وفى آل عمران وبراءة: " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم " وسورة آل عمران: "ويعلم الصابرين " وفى براءة: " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " فهذه ثلاث سؤالات.
والجواب عن جميعها على الجملة أن وجه اختلافهما والله أعلم ورودها أعقاب


الصفحة التالية
Icon