قصص مختلفة وقضايا متغايرة فآية البقرة واردة على ما تقدمها من خطاب المؤمنين على العموم والتسوية فى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة " ثم حذرهم بقوله: "فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات ".
الآية وأشار الواقع جوابا من قوله: "إن الله عزيز حكيم " إلى قدرته تعالى على من زل فحاد وتنكب بعد وضوح الأمر فكان الكلام فى قوة أن لو قيل بحسب أفهامنا القاصرة: فإن زللتم فحدتم وتنكبتم عن سلوك المنهج الذى أمرتم به بعد بيان الأمر فاعلموا أنه قادر على أخذكم وعقابكم لا يفوته هاربكم ولا يخرج عن قهره أحد منكم عليم بما تخفونه وتسرونه ثم ذكرهم بحال غيرهم فقال تعالى: "سل بنى إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة..
الآية "، ثم عرفهم بتزيين الدنيا للكافرين تسلية للمؤمنين فيما حف بمطلوبهم الأخروى من المكاره وأخبرهم بما لهم فى الآخرة إن صبروا واتقوا فقال: "والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة "، ثم أخبرهم بما كان الأمر عليه أولا من كون الناس أمة واحدة ثم اختلفوا فبعث الله النبيين.
الآية فلما خاطبهم بهذا كله وحصل من ذلك ومن إحالة الآى على أحوال من تقدم وإشارتها إلى ما ابتلوا به مما وضح منه صعوبة التخلص إلا بعد الصبر وتحمل المشقة مع سبقية التوفيق أعقب بقوله إشارة إلى تسلية المؤمنين فيما يصيبهم فقال: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة...
الآية " فعرفهم أنه لابد من الابتلاء والاختبار: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " وأتبع بقوله تعالى: "مستهم البأساء والضراء " إلى ما ذكر سبحانه فى قوله: "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء " فهذه الآية أعنى آية البقرة لم يقع فيها تخصيص بغير المستجيبين المحسنين فى إجابتهم لا من وجهة اللفظ ولا من وجهة المعنى فناسبها الإطناب وذكر حال من تقدم من الأمم فى ابتلائهم.
وأما آية آل عمران فخوطب بها أهل أحد تسلية فيما أصابهم وخص فيها ذكر الجهاد والصبر ولم يقصد فى الآية أخبار بغير ذلك لأنها ترتيب واقعة مخصوصة فهذا ما انفردت به واختصت عن آية البقرة فقال تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " فلم يذكر هنا غير الجهاد والصبر.
أما آية براءة فخطاب المؤمنين ممن شاهد فتح مكة وإعلام لهم بأنهم لا يكمل