إيمانهم إلا بمطابقة ظواهرهم بواطنهم فى ألا يقع منهم صغو إلى غير ما بايعوا الله عليه من الإخلاص فلا يجحدون ولا يعتمدون من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين ما يعتمدونه موئلا أو مرجعا فإنه سبحانه لا يخفى عليه ما أسروه وتحوم الآية على ذم من اتصف بصفة النفاق فأظهر خلاف ما أبطن، وقد تقدم قبلها ما يدل على ذلك من قوله تعالى: "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم " فحذر المؤمنون من هذه الصفة وعرفوا أنه لابد من ابتلائهم واختبارهم لتخلص أحوالهم وتمتاز من أحوال المنافقين وأنهم لم يتركوا دون ابتلاء واختبار ليميز الله الخبيث من الطيب وهذا من بعضهم لبعض أعنى الاطلاع بعد الاختبار والله سبحانه غنى عن هذا وعليم بما تنطوى عليه كل نفس وما تكنه الضمائر وإنما ثمرة الابتلاء والاختبار عائدة علينا ليطلع بعضنا من بعض على ما لم يكن ليطلع عليه لولا الاختبار وعلمه سبحانه لا يتوقف على ابتلائنا ولا يتجدد عليه شئ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فالمراد بالآية: أم حسبتم أن تتركوا دون اختبار يفصل بين أحوالكم وأحوال المنافقين المذكورين فيما قبل ولم تتعرض الآيتان من سورة البقرة وآل عمران لذكر نفاق بالافصاح ولا بإيماء بخلاف آية براءة فلما اختلفت المقاصد اختلفت العبارات فى مطلع الآى وختامها بحسب ذلك والله أعلم.
فتأمل اتحاد الوليجة وقوله: "والله خبير بما تعملون " وتخصيص اسمه سبحانه: "الخبير " يلح لك ما قصد بهذه الآية.
فصل: واعلم أن "أم " الواقعة فى هذه الآى هى الواردة فى قولهم: "إنها لابل أم شاء " أخبر المتكلم بهذا من العرب أنها ابل ثم لحقه الشك فأضرب عما أخبر به واستفهم عما بعد أم فكأنه قال: بل أهى شاء فمعناها الاضراب عما قبلها والاستفهام عما بعدها فلقطعها ما بعدها عما قبلها يسميها النحويون المنقطعة والمنفصلة وأما المتصلة فهى الواقعة فى العطف والوارد بعدها وقبلها كلام واحد والمراد بها الاستفهام عن التعيين لهذا تقدر بأى والمنقطعة خلافها وهى المتقدمة فى الآى وان الواقعة بعدها سادة مسد مفعولى حسبت عند سيبويه رحمه الله.
وأبو العباس [المبرد] يراها سادة مسد المفعول الواحد والثانى عند مقر ويشهد لسيبويه أن العرب لم يسمع من كلامهم نطق بما ادعاه ولو كان على ما يقوله لنطقوا به يوما ما وبسط الرد عليه فى غير هذا.
الآية الرابعة والثلاثون: - قوله تعالى: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن


الصفحة التالية
Icon