متقدمة فى الترتيب وجرى فى آية المائدة على ما هو ثان إذ هى ثانية فى الترتيب وذلك على ما يجب.
وجواب ثان: وهو أنه قد ورد قبل ضمير آية آل عمران من لدن قوله تعالى: "وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم " إلى قوله: "فأنفخ فيه " نحو من عشرين ضميرا من ضمائر المذكر فورد الضمير فى قوله "فأنفخ فيه " ضمير مذكر ليناسب ما تقدمه ويشاكل الأكثر الوارد قبله.
أما آية العقود فمفتتحة بقوله تعالى: "اذكر نعمتى عليك " وخلقه الطائر ونفخه فيه من أجل نعمه تعالى عليه لتأييده بذلك فناسب ذلك تأنيث الضمير ولم تكثر الضمائر هنا ككثرتها هناك فجاء كل من الآيتين على أتم مناسبة.
والجواب عن السؤال الثانى: وهو تكرر قوله تعالى "بإذنى " فى آية المائدة أربع مرات مع تقارب الألفاظ؟ ووجه أن آية آل عمران إخبار وبشارة لمريم بما منح لبنها عيسى عليه السلام وبمقاله عليه السلام لبنى إسرائيل تعريفا برسالته وتحديا بمعجزاته وتبرئا من دعوى استبداد أو انفراد بقدرة فى مقاله: " أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله " إلى قوله تعالى "إن فى ذلك لآية لكم " إلى ما بعده ولم تتضمن هذه الآية غير البشارة والإعلام وأما آية المائدة فقصد بها غير هذا وبنيت على توبيخ النصارى وتعنيفهم فى مقالهم فى عيسى عليه السلام فوردت متضمنة عده سبحانه إنعامه على نبيه عيسى عليه السلام على طريقة تجارى العتب وليس بعتب تقريرا يقطع بمن وقع فى العظيمة ممن عبده ومثل ذلك فيما يجرى بيننا ولكلام الله سبحانه وتعالى المثل الأعلى قول القائل لعبده الأحب إليه المتبرئ من عصيانه: ألم أفعل لك كذا ألم أعطك كذا ويعدد عليه نعما ثم يقول: أفعل لك ذلك غيرى؟، هل أحسنت إلى فلان إلا بما أعطيتك؟، هل قهرت عدوك إلا بمعونتى لك؟ فيقصد السيد بهذا قطع تخيل من ظن أن ما كان من هذا العبد من إحسان إلى أحد أو إرغام عدو أن ذلك من قبل نفسه مستبدا به وليس من قبل سيده فإذا قرره السيد على هذا واعترف العبد بأن ذلك كما قال السيد انقطعت حجة من ظن خلافه وتوهم استقلال العبد فعلى هذا النحو والله أعلم وردت الآية الكريمة ولذلك تكرر فيها ما تكرر مع الآيات قوله تعالى: "بإذنى " وتكرر ذلك أربع مرات عقب أربع آيات مما خص به عليه السلام من خلق الطير والنفخ فيه فيحيا


الصفحة التالية
Icon