ءآلهتنا خير أم هو " يعنون المسيح ناسبه ما أعقبه به من قوله تعالى حاكيا عن المسيح عليه السلام: "إن الله ربى وربكم " فكأن قد قيل: هؤلاء غيره فأحرز "هو " هذا المعنى ولم يرد فى آية آل عمران وآية مريم من ذكر آلهتهم ما ورد هنا فلم يحتج إلى الضمير المحرز لما ذكرناه وسنورد إن شاء الله فى قوله تعالى فى سورة النجم: "وأنه أضحك وأبكى وأنه أمات وأحيا " قوله بعد: "وأنه هو أغنى وأقنى وأنه هو رب الشعرى " بإثبات هذا الضمير فى أربعة مواضع وكونه لم يثبت فى قوله: "وأنه خلق الزوجين " ولا فى قوله: "وأن عليه النشأة الأخرى " ولا فى قوله: "وأنه أهلك عادا الأولى " وتوجيه ذلك والفرق بين ما ورد فيه منها الضمير وما لم يرد فيه ما يوضح وجه وروده فى آية الزخرف وسقوطه فى الآيتين قبلها أتم إيضاح وأشفاه، ومن هذا قوله تعالى: "فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم " فـ "أنت " هنا كـ "هو " فيما ذكر
ومحرزة ذلك المعنى من إفراد المشار إليه بالضمير بما حصله الخبر فتأمله فإنه بين فيما ذكرناه والله أعلم.
الآية التاسعة: قوله تعالى: "فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون "، وفى سورة المائدة: "وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون " فحذفت النون من "أنا "فى آية آل عمران تخفيفا وثبتت فى آية المائدة فقيل: "أننا " مع أن التخفيف بالحذف جائز فيهما والإثبات جائز وهو الأصل فللسائل أن يسأل عن وجه تخصيص كل من الموضعين بما ورد فيه؟
والجواب عن ذلك والله أعلم أن آية المائدة لما ورد فيها التفصيل فيما يجب الإيمان به وذلك قوله: "أن آمنوا بى وبرسولى " فجاء على أتم عبارة فى المطلوب وأوفاها ناسب ذلك ورود "أننا " على أوفى الحالين وهو الورود على الأصل، ولما لم يقع إفصاح بهذا التفصيل فى آية آل عمران حين قال تعالى: "قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله " فلم يقع هنا "وبرسوله " إيجازا للعلم به وشهادة السياق ناسب هذا الإيجاز كما ناسب الإتمام فى آية المائدة الإتمام فقيل هنا: "واشهد بأنا مسلمون " وجاء كل على ما يجب ولو قدر ورود العكس لما ناسب والله سبحانه أعلم بما أراد.


الصفحة التالية
Icon