من خطابه تعالى إلا بأحد هذه الوجوه، وهي الوحي مناماً أو إلهاماً، وخلقاً في قلب النبي، وعن هذا الضرب عبر بالوحي، ومنه قول إبراهيم، عليه السلام، لابنه: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) (الصافات: ١٠٢)، أو من وراء حجاب كتكليم موسى عليه السلام، أو إرساله سبحانه ملكاً من القربين لديه يوحي بإذنه ما يشاء كما كان جبريل، عليه السلام، وهو المعروف بهذه الخصيصة، والمعد من الملائكة للسفارة بينه سبحانه وبين رسله، يأتيهم بما يرسله تعالى به من القصص والأوامر والنواهي، فبهذه الطرق الثلاث وصول الرسل والأنبياء إلى ما عندهم من الله تعالى، وقد حصل من ذلك الإعلام بتنزيهه سبحانه وتعاليه عن التكيّيف، فناسب هذا ختام هذه الآية بقوله تعالى: (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي عليّ عن مداناة البشر إلا باللطف والإحسان، حكيم في أفعالخ. فتبين وجه مناسبة هذا إتمام ما به ختم كما ناسب الختام قبله وهو قوله: (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) ما أعقب به، فوضح أن كل ختام منهما لا يلائم غير موضعه، وأنه لو ختمت هذه الأخيرة بما به ختمت الأولى والأولى بما به ختمت هذه لم يكن ليناسب هذه المناسبة الحاصلة، والله أعلم بما أراد.
****