يمكن أن يعيش بمفرده منعزلا عن الآخرين.
وغريزة حب التملك: دفعته إلى اقتناء الحاجات الضرورية، وحفظها، والدفاع عنها ضد من يحاول أن ينتزعها من يده.
وكذلك «التدين» غريزة دفعته إلى أن ينظر إلى نفسه، من أين أتى.. ؟ وإلى أين يذهب.. ؟
وأن ينظر إلى الكون من حوله.. ما مصيره؟ وما مصير العالم كله من بعده؟
وسرعان ما اكتشف بعقله المجرد.. أن هذا الوجود كله لا بد وأن يكون وراءه موجد، وأن هذا الكون كله لا بد له من صانع، وقد تبين له أن الصانع الموجد قوة جبارة تقهر ولا تقهر، تجير ولا يجار عليها.
عرفها أيضا بعقله، وفطرته، وغريزته.. واستصرخها، وطلب نجدتها عند ما ألمّت به أمواج البحار توشك أن تغرقه، أو عند ما عصفت به الرياح توشك أن تهلكه.. فأغاثته ونجدته.
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ (١).
وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ (٢).
وانتشر الإنسان على الأرض ليكوّن الجماعات، وانتشرت الجماعات لتكوّن الشعوب، والقبائل، والأمم، وعرفت كل أمة بحضارتها، ولونها وجنسها، ودينها.
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا. (٣)
ومع انتشار الأمم وتفرق القبائل، تفرّقت الأديان، وتشعبت الملل والنّحل
(٢) الروم: ٣٣.
(٣) الحجرات: ١٣.