مثاله: ما أشكل على مروان بن الحكم فى قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ فقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتى، وأحبّ أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون، فبين له ابن عباس أن الآية إنما نزلت فى أهل الكتاب- خاصة- حين سألهم النبى صلّى الله عليه وسلّم عن شىء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، وأروه أنهم بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، فأنزل الله فيهم وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا الآية.
٥ - ومنها: دفع توهم الحصر، قال الشافعى ما معناه فى قوله تعالى قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ الآية. إن الكفار لما أحلوا ما حرّم الله، وحرموا ما أحل الله، وكانوا على المضادة والمحادة، فجاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال لا حلال إلا ما حرمتموه، ولا حرام إلا ما أحللتموه نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة فتقول: لا أكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفى والإثبات على الحقيقة فكأنه تعالى قال: لا حرام إلا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، ولم يقصد حل ما وراءه، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل» (١).
٦ - ومنها: معرفة اسم النازل فيه الآية، وتغيير المبهم فيها لأن بيان المبهم وزوال إبهامه مفيد لردة الفضل إلى أهله كما فى قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ نزلت فى الصحابى الجليل صهيب ابن سنان الرومى. وللمتمعن أن يستنبط ما يشاء من الفوائد.

(١) الإتقان للسيوطى ١/ ٨٤.


الصفحة التالية
Icon