وأما الثانى: فهو تعدد نزول آيات فى سبب واحد.
فقد ينزل فى الحادثة الواحدة آيات متعددة فى سور شتى.
مثاله: موضوع النساء وذكر الرجال فى القرآن دون ذكرهن.
هذا الموضوع المعين كان سببا فى نزول آيات عديدة منها:
١ - ما أخرجه ابن جرير وغيره عن أم سلمة- رضى الله عنها- قالت: «يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء فى الهجرة بشيء، فأنزل الله فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (١).
٢ - ما أخرجه ابن جرير أيضا عن أم سلمة- رضى الله عنها- قالت: «قلت يا رسول الله: ما لنا لا نذكر فى القرآن كما يذكر الرجال؟ فلم يرعنى منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول (إن المسلمين والمسلمات) إلى آخر الآية.
٣ - ما أخرجه الحاكم عن أم سلمة- رضى الله عنها- قالت: يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث؟ فأنزل الله وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ (٢).
من مفردات هذا العلم الجليل معرفة بعض الجزئيات الآتية التى نذكرها إجمالا ونحيل تفصيلها إليك فى «البرهان للزركشى ١/ ٢٢ - ٣٥، الإتقان ١/ ٨٢ - ٩٩» وهى:-
قد يتصل بأسباب النزول ومعرفته معرفة ما يسمى ب «تقدم نزول الآية على الحكم، وقد مثل لها البغوى بقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ ثم ظهر أثر الحلّ يوم فتح مكة حين قال صلّى الله عليه وسلّم: «أحلت لى ساعة من نهار».
(٢) النساء: ٣٢، وانظر هذه الأمثلة وغيرها عند السيوطى فى الإتقان ١/ ٩٧ - ٩٨.