ذِكْرُ الْآيَةِ التَّاسِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ١.
قَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَى الْآيَةِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَطُوفَ بِهِمَا. قَالَ: ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ ٢ وَالسَّعْيُ بَيْنَهُمَا مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ٣.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلٌ مَرْذُولٌ: لا يَصْلُحُ الِالْتِفَاتُ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ يُوجِبُ إِضْمَارًا فِي الْآيَةِ وَلا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ قُرِئَ بِهِ فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مسعود، وأبي بن كعب، وأنس، وَابْنِ جُبَيْرٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَمَيْمُونَ بن مهران٤ أنهم قرأوا٥ (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَطُوفَ بِهِمَا) ٦، وَلِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ:

١ الآية (١٥٨) من سورة البقرة.
٢ الآية (١٣٠) من سورة البقرة.
٣ ذكر هذا القول هبة الله في ناسخه (١٤).
٤ هو ميمون بن مهران الجزري أبو أيوب الرقي فقيه نشأ بالكوفة ثم نزل ((الرقة). روى عن عمر، والزبير مرسلاً، وعن أبي هريرة وعائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم. ذكره أبو عروبة في الطبقة الأولى من التابعين ووثقه المحدثون، مات سنة ١٦ أو ١٧ ومائة هجرية. انظر: التهذيب١/ ٣٩٠ - ٣٩٢.
٥ في (هـ): قرأ بالإفراد، وهو خطأ.
٦ أخرج هذه القرأءة الطبري في جامع البيان٢/ ٣١؛، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما ثم قال: وهو خلاف رسوم مصاحف المسلمين، لو قرأ اليوم بها قارئ كان مستحقاً للعقوبة، لزيادته في كتاب الله ما ليس فيه.


الصفحة التالية
Icon