وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: «ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفرطون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون». والآداب كثيرة كالسواك والطهارة الصغرى وأما الكبرى فهي واجبة وتفصيله في الفقه، والبكاء فإن لم يبك فليتباك فإن لم يبك بعينه فليبك بقلبه فقد ورد: «اقرءوا القرآن وابكوا» فإن لم تبكوا فتباكوا فإن لم تبكوا بعيونكم فابكوا بقلوبكم، والموضع الطاهر واستحب بعضهم المساجد للطهارة وشرف البقعة واجتناب الضحك والحديث في خلال القراءة إلا ما يضطر إليه والنظر إلى ما يلهي ويحير الفكرة وصرف القلب إلى شيء سوى القرآن وإظهار الحزن والخشوع والقلب فارغ من ذلك وفيما ذكرناه تنبيه على ما لم نذكره. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
السادسة: لم يكن في الصدر الأول هذا الجمع المتعارف في زماننا بل كانوا لاهتمامهم بالخير وعكوفهم عليه يقرءون على الشيخ الواحد العدة من الروايات والكثير من القراءات كل ختمة برواية لا يجمعون رواية إلى رواية واستمر العمل على ذلك إلى أثناء المائة الخامسة عصر الداني وابن شريح وابن شيطا ومكي والأهوازي وغيرهم فمن ذلك الوقت ظهر جميع القراءات في الختمة الواحدة واستمر عليه العمل إلى هذا الزمان وكان بعض الأئمة ينكره من حيث إنه لم يكن عادة السلف. قلت: وهو الصواب إذ من المعلوم أن الحق والصواب في كل شيء مع الصدر الأول قال الله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وقال- صلى الله عليه وسلّم-: «وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة» وقال ابن مسعود- رضي الله عنه-: «من كان منكم