فلم يكن الأب (لامانس R،P،Lamance) المثل الفريد للمستشرق الطاعن على الإسلام ورجاله، والحالة الوحيدة التي يمكن أن نلحظ فيها العمل الصامت لتقو يض دعائم الإسلام، فقد كان لهذا الرجل (الشاطر) على الأقل، فضل في الكشف عن بغضه الشديد للقرآن، ولمحمد - ﷺ - ولا شك أن العمل في ظل هذا التعصب الصاخب خير من تلك الميكيافيلية الصامتة المستهجنة التي اتبعها مستشرقون آخرون، متسترين بستار العلم.
ومن العجيب أن نذكر ما تتمتع به هذه الأفكار الحمقاء من مجاملة، ولا سيما في مصر عندما تصدرها جامعات الغرب، وأصدق مثال على ذلك بلا جدال، الفرض الذي وضعه المستشرق الإنجليزي (مرجليوث) عن (الشعر الجاهلي)، فقد نشر هذا الفرض في تموز عام ١٩٢٥م في إحدى المجلات الاستشراقية؛ وفي خلال عام ١٩٢٦م نشر (طه حسين) كتابه المشهور (في الشعر الجاهلي)، فهذا التسلسل التاريخي معبر تماماً عن تبعية أفكار بعض قادة الثقافة العربية الحديثة للأساتذة الغر بيين (١).
وربما لم يكن فرض (مرجليوث) ليحتوي على شيء خاص غير عادي لو أنه حين نشر لم يصادف ذلك الترحيب الحار من المجلات المستعربة، ومن بعض الرسالات التي تقدم بها دكاترة عرب محدثون، حتى لقد كسب هذا الفرض قيمة (المقياس الثابت) في دراسة الدكتور (صباغ) عن (المجاز في القرآن)، فقد رفض هذا الدكتور رفضاً مقصوداً مغرضاً الاعتراف بالشعر الجاهلي بوصفه حقيقة موضوعية في تاريخ الأدب العربي.