ثالثاً: ومن حيث الزمن: أن يكون تأثيره بقدر ما في تبليغ الدين من حاجة إليه.
وهذه الصفة الثالثة تحدد نوع صلته بالدين، الصلة التي تختلف من دين إلى آخر، باختلاف ضرورات التبليغ كما سنبين ذلك.
فهذا هو القياس العام الذي نراه ينطبق على معنى الإعجاز، في كل الظروف المحتملة بالنسبة إلى الأديان المنزلة.
فإذا قسنا به في نطاق رسالة موسى عليه السلام، مثلاً، نرى أن الله اختار لهذا الرسول معجزتي اليد والعصا، وإذا تأملناهما وجدناهما ((بوصفهما حجة)) يدعم الله بها نبيه- تتصفان بأنهما:
١ - ليستا من مستوى العلم الفرعوني الذي كان من اختصاص أشخاص معدودين، يكونون هيئة الكهنوت، بل كانت المعجزة في صورتيهما كلتيهما، من مستوى السحر الذي يقع أثره في إدراك الجميع عن طريق المعاينة الحسية، دون إجهاد فكر.
٢ - هاتان المعجزتان تتصلان بتاريخ الدين الموسوي لا بجوهره، إذ ليس لليد أو العصا صلة بمعاني هذا الدين ولا بتشريعه، فهما على هذا مجرد توابع للدين، لا من صفاته اللازمة له.
٣ - ودلالة هاتين المعجزتين على صحة الدين محدودة بزمن معين، إذ لا نتصور مفعول اليد والعصا (حجة) إلا في الجيل الذي شاهدهما، أو الجيل الذي بلغته تلك الشهادة بالتواتر من التابعين وتابع التابعين، أي أن مفعوله لا يكون إلا في زمن محدد، لحكمة أرادها الله. ولو فكرنا في هذه الحكمة لوجدنا أنها تتفق مع حقائق نفسية، وحقائق تاريخية سجلها الواقع فعلاً، هي: